كتب:علاء قنديل
في مشهد عسكري مهيب جذب أنظار العالم، شهد ميدان تيانآنمن في العاصمة الصينية بكين عرضًا عسكريًا كشف عن جانب متطور من قدرات الصين الدفاعية، حيث استعرضت للمرة الأولى تشكيلات متنوعة من الطائرات المسيرة المتقدمة. هذا الظهور اللافت لم يكن مجرد استعراض عسكري تقليدي، بل رسالة تؤكد دخول الصين مرحلة جديدة في مجال التكنولوجيا العسكرية والابتكار الدفاعي.
تكنولوجيا متطورة… ورؤية استراتيجية
الطائرات التي ظهرت في العرض العسكري شملت نماذج استطلاعية هجومية، وأخرى مخصصة للمرافقة الجوية، إضافة إلى مروحيات مسيرة محمولة على السفن. هذه التشكيلات تعكس نهجًا استراتيجيًا يركز على امتلاك أنظمة قادرة على تنفيذ مهام متعددة، بدءًا من الاستطلاع وعمليات المراقبة، وصولًا إلى الهجمات الدقيقة والتغطية الشاملة للمساحات الواسعة.
ويمثل هذا التنوع في الأنماط نقلة نوعية في التفكير العسكري الصيني، إذ لم تعد المسيرات مجرد أداة مساعدة، بل أصبحت جزءًا رئيسيًا من العقيدة الدفاعية والهجومية للجيش.
خصائص تعزز التفوق التقني
بحسب ما ظهر خلال العرض، تتمتع هذه الطائرات بالقدرة على الطيران لمسافات طويلة، والقيام بعمليات تنسيق تلقائي فيما بينها، وهو ما يعكس تطورًا كبيرًا في مجال الذكاء الاصطناعي والأنظمة المدمجة في التسليح الصيني. كما أن قدرتها على شن هجمات خفية يمنحها ميزة إضافية تجعلها عنصرًا حاسمًا في أي مواجهة محتملة أو مهمة دفاعية.
رسالة إلى الداخل والخارج
لم يكن الكشف عن هذه الطائرات مجرد عرض للقدرات، بل رسالة واضحة إلى الداخل الصيني والعالم الخارجي. داخليًا، أرادت بكين التأكيد على أن جيشها يواكب التطور التكنولوجي العالمي، ويمتلك القدرة على حماية السيادة الوطنية بكفاءة عالية. أما خارجيًا، فقد حمل العرض إشارة إلى أن الصين باتت لاعبًا رئيسيًا في سباق تكنولوجيا الدفاع المتقدمة، بما يرسخ موقعها كقوة عالمية صاعدة.
بين الأمن والتنمية
الخطاب السياسي والعسكري الصيني دائمًا ما يربط بين تطوير القدرات الدفاعية وضمان استقرار التنمية. فالطائرات المسيرة، بما تحمله من إمكانات جديدة، تُعد عنصرًا أساسيًا في استراتيجية “الأمن الشامل” التي تسعى الصين من خلالها إلى تحقيق التوازن بين حماية حدودها وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
نحو مستقبل عسكري مختلف
الكشف عن هذه المسيرات يعكس إدراكًا صينيًا بأن حروب المستقبل لن تعتمد فقط على الجيوش التقليدية، بل على الأنظمة الذكية والقدرات غير المأهولة التي تمنح المرونة وتقلل المخاطر البشرية. ومن هنا، فإن العرض العسكري لم يكن مجرد حدث عابر، بل علامة فارقة في رسم ملامح مستقبل الجيش الصيني.