التخطي إلى المحتوى

علاء قنديل يكتب

رائدة في الظل.. من يقود الارتقاء بالتمريض نحو الجودة والسلامة؟
المرأة الحديدية للتمريض المصري.. قيادة بحكمة وقلب ينبض بالرحمة
من الميدان إلى التشريع.. كوثر محمود تعيد للتمريض مكانته المستحقة

 

في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها قطاع الرعاية الصحية، برزت الدكتورة **كوثر محمود** كواحدة من أبرز الشخصيات التي أسهمت بجهودها المتواصلة في إرساء قواعد مهنية متينة داخل مؤسسات الرعاية، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن تحقيق السلامة لا يبدأ من الأجهزة أو السياسات، بل من بناء الإنسان وتمكين الفريق الصحي من أداء دوره على أعلى مستوى.

كوثر محمود نموذج قيادي ملهم، استطاعت أن تبني جسور الثقة داخل المؤسسات الصحية، وتؤسس ثقافة ترتكز على العدالة والإنسانية والكفاءة، واضعةً المريض في قلب الاهتمام، ومعتبرةً العاملين الصحيين حجر الأساس الحقيقي لضمان جودة وسلامة الرعاية.

كوثر محمود التي تشغل اليوم عدة مناصب قيادية مهمة، من بينها عضوية مجلس الشيوخ، ومنصب نقيب عام التمريض، ورئاسة لجنة الإعلام والتوعية بالهيئة العامة للرعاية الصحية، إلى جانب إشرافها العام على تمريض منظومة التأمين الصحي الشامل، وضعت نصب عينيها هدفًا واحدًا وهو النهوض بالمهنة التي تمثل عماد النظام الصحي، وجعلها شريكًا أصيلًا في عملية الوقاية والعلاج.

ولم تكن مسيرة الدكتورة كوثر محمود قصيرة أو عابرة، بل سبقتها سنوات من العطاء المهني حين شغلت مناصب مؤثرة مثل وكيل وزارة الصحة والسكان لشؤون التمريض، وعضوية المجلس العالمي للتمريض والقبالة بجنيف، وعضوية لجنة قطاع التمريض بالمجلس الأعلى للجامعات. وجاءت تلك المناصب لتمنحها خبرة عميقة في ملفات الإصلاح المؤسسي، وتطوير الأداء، وبناء الكفاءات القادرة على مواجهة التحديات الصحية المستجدة.

وتقديرًا لهذه الجهود التي جمعت بين القيادة والبصيرة، وبين العمل الميداني والفكر الإصلاحي، توّجت الدكتورة كوثر محمود مؤخرًا بحصولها على **جائزة التميز في الرعاية التمريضية** من **الملتقى الثالث والعشرين لاتحاد المستشفيات العربية**، وهو تكريم رفيع المستوى يعكس مكانتها الريادية في النهوض بمهنة التمريض في مصر، وتحسين مستوى خدمات التمريض المقدمة في المستشفيات. ويُعد هذا التتويج بمثابة اعتراف عربي مستحق بما قدمته من إنجازات ملموسة كان لها الأثر البالغ في تطوير المنظومة الصحية على مستوى البنية والكوادر.

وترى الدكتورة كوثر أن الفريق الصحي، من أطباء وممرضين وفنيين وإداريين، هم حجر الأساس في ضمان سلامة المرضى، وأن بيئة العمل الصحية لا تُبنى إلا على الثقة المتبادلة والتفاعل الإيجابي والالتزام المشترك بمعايير الأداء، مؤكدة أن الارتقاء بالرعاية الصحية يبدأ من الإنسان وليس من الأجهزة.

ومن خلال موقعها كنقيب عام التمريض، قادت عملية تطوير شاملة لمهنة التمريض في مصر، ورفعت من كفاءتها المهنية، وسعت إلى استعادة مكانتها الحقيقية داخل النظام الصحي، باعتبارها خط الدفاع الأول في تقديم الرعاية والوقاية، والعنصر الأكثر احتكاكًا بالمريض. وشددت على أن التعامل مع المرضى يجب أن يكون قائمًا على العدالة والرحمة، وأن الممرض الناجح هو من يستطيع الجمع بين القوة في المواقف الصعبة، والحنان في لحظات الضعف، وهي معادلة لا يحققها سوى أصحاب الشخصية المتميزة.

وانطلاقًا من قناعتها الراسخة بأن الثقة تبدأ من حماية المريض وتحسين جودة الخدمة، عملت على وضع أسس جديدة لبيئة العمل داخل المستشفيات، تقوم على احترام العامل الصحي، وتقدير جهده، وتوفير الدعم المهني والمعنوي له، بما ينعكس إيجابيًا على أداء المنظومة بأكملها.

كما أكدت على أن التمريض ليس مجرد وظيفة تنفيذية، بل هو علم وممارسة ومسؤولية إنسانية ومجتمعية تتطلب التأهيل المستمر، والعمل الجماعي، والالتزام بأخلاقيات المهنة. ولذلك، فإن تطوير التمريض هو بوابة تحسين جودة الرعاية، وتحقيق نتائج صحية أفضل، وزيادة ثقة المواطن في المؤسسة الصحية.

الدكتورة كوثر محمود تقود اليوم مسارًا وطنيًا يستهدف بناء منظومة صحية أكثر كفاءة واستدامة، ويعيد الاعتبار لمهنة التمريض كأحد الأعمدة الرئيسية للرعاية الصحية في مصر. فهي تؤمن أن سلامة المرضى تبدأ من التفاصيل اليومية البسيطة، ومن الأداء النزيه والمهني للفريق الصحي، وأن جودة الخدمة لا تنفصل عن كفاءة العنصر البشري، ووضوح السياسات، وشيوع ثقافة العدالة والمسؤولية.

وتواصل الدكتورة كوثر عملها بإصرار وثبات، واضعة نصب عينيها رؤية عنوانها الثقة، ورسالة أساسها الإنسان، ومهمة لا تنتهي إلا حين يشعر كل مريض بالأمان، ويشعر كل ممرض وممرضة بالفخر والانتماء.