تتجدد الاحتفالات في شهر ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، حاملًا معه رسالة تقدير واعتراف عالمي بحقوقهم. هذا اليوم يذكّر الجميع بأهمية تعزيز الدمج والمساواة، وتسليط الضوء على القدرات والإمكانات الكبيرة التي يمتلكها ذوو الهمم، والتي تستحق كل دعم وتمكين. ويعكس الاحتفال حرص الدولة المصرية وقيادتها السياسية على هذه الفئة الغالية، مؤكّدًا ما تمتلكه مصر من خبرات وتجارب رائدة في مجالات الرعاية والتأهيل والعمل الاجتماعي. فقد نجحت مصر عبر السنوات في تقديم نموذج يُحتذى به عالميًا، قائم على رؤية تضع الإنسان في قلب الاهتمام وتؤمن بقدرته على الإبداع والتميز مهما كانت التحديات.
وفي خطوة عملية لتجسيد هذا الالتزام، أعلن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2018 عامًا لذوي الإعاقة، ليترجم هذا الاعتقاد إلى خطوات ملموسة على أرض الواقع. ومنذ ذلك الحين، شهد المجتمع المصري إنجازات كبيرة في مسار التمكين، بدعم القيادة السياسية وجهود الوزارات والمؤسسات المعنية، وظهور نماذج مشرّفة في المجالات العلمية والرياضية والفنية وخدمة المجتمع، لتؤكد أن الإعاقة ليست مبررًا للغياب عن المشاركة الفاعلة. كما بادرت الدولة بعدد من الإجراءات التشريعية والتنموية والخدمية لضمان مشاركة ذوي الهمم بشكل كامل.
ويستند هذا الاهتمام إلى قناعة راسخة بأن الأشخاص ذوي الإعاقة يمتلكون طاقات كامنة يمكن تحويلها إلى قوة إنتاجية فاعلة، إذا توفرت لهم الخدمات التدريبية والتأهيلية المناسبة، وفرص عادلة تكفل لهم المشاركة جنبًا إلى جنب مع باقي أفراد المجتمع. ووفقًا لنتائج مسح الإعاقة لعام 2022 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تصل نسبة الأفراد ذوي الإعاقة (من بعض الصعوبة إلى الإعاقة المطلقة) إلى 11% من إجمالي السكان، أي ما يعادل حوالي 10 إلى 12 مليون شخص.
وتؤكد أجندة التنمية المستدامة 2030 أن الإعاقة لا يجب أن تكون سببًا لحرمان أي فرد من حقوقه أو الاستفادة من برامج التنمية، وهو ما يتماشى تمامًا مع رؤية الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
في هذا اليوم، نحتفل ليس بالأرقام والسياسات فحسب، بل بالإنسانية، وبقدرة كل فرد في المجتمع على رؤية ذوي الإعاقة كمصدر قوة وموهبة وإضافة حقيقية. ندعو الجميع لتجاوز النظرة التقليدية للإعاقة، والتعامل مع الأشخاص ذوي الهمم كشركاء فاعلين، يطالبون بحقوقهم، يشاركون، يبدعون، ويساهمون في بناء وطنهم.
وتظل رسالة الدولة واضحة: مشوار الدمج الحقيقي يبدأ بالاعتراف، يليه العمل، ثم التمكين، لنصنع مجتمعًا أكثر شمولًا وعدالة وتضامنًا. فالاحتفال بذوي الهمم ليس مجرد مناسبة سنوية، بل هو احتفاء بروح مصرية أصيلة ترى في كل شخص، مهما كانت قدراته الجسدية أو الحركية، قيمة وإمكانات تستحق الدعم والاعتراف والتقدير.