تركي آل الشيخ.. رجلٌ من طرازٍ نادر يهزُّ عروش التقليد ويُحلّق بالوطن العربي إلى العالمية..
فورة الذكريات” لم تكن حفلًا فقط بل كانت رسالة وفاء لمن ظنّ البعض أنهم طواهم الزمن..
تركي قالها بصمت: لن أنسى من قدّم لنا الفن الأصيل… ولن أسمح أن يُنسى الكبار في زحام العصر
بقلم: علاء قنديل
في زمنٍ كثر فيه المتفرجون وقلّ فيه الفاعلون، يخرج من قلب الصحراء صوتٌ عالٍ، لا تكممه العواصف ولا تُعطّله العقبات… إنه تركي آل الشيخ، الرجل الذي لا يعرف المستحيل، والذي بات علامة فارقة في كل ميدانٍ يلمسه، من الغناء إلى الفن إلى الرياضة، بل وحتى في الإنسانية التي كثيرون يتحدثون عنها، وقليلون يترجمونها أفعالاً.
تركي آل الشيخ لم يأتِ عابرًا في المشهد العربي، بل جاء حالمًا، وصانعًا للحلم ذاته. بنظرة ثاقبة ورؤية غير تقليدية، نقل الذوق الفني من المحلية إلى العالمية، وفتح أبوابًا لم تُطرق من قبل. كان يُدرك أن الفن رسالة، فحملها بكل شغف، وقدم للغناء العربي دعماً غير مسبوق، أعاد من خلاله الألق إلى رموز كبيرة من الزمن الجميل، ومنحهم منابر جديدة يتحدثون من خلالها بلغة العصر دون أن يفقدوا هويتهم.
وعندما سقطت كرة القدم العربية في مستنقع التكرار والرتابة، كان هو الرجل الذي هزَّ الملعب. لم يُشاهد المباريات من المدرجات، بل نزل إلى أرضها، حاملاً معه فكرًا إداريًا واستثماريًا يُحسب له عالميًا. من مواسم الرياض، إلى استقطاب أقوى نجوم العالم، إلى بث الروح في أندية ومنافسات كانت على الهامش، ساهم تركي في كتابة فصل جديد في كتاب الرياضة العربية.
لكن، وفي خضم هذا العطاء، لا بد أن تجد من يحاول التقليل، من يُهاجم، من يصنع زوبعة في فنجان، ظنًا منه أنه بإمكانه إطفاء وهج رجل يشعّ من داخله. وهنا، نرفع صوتنا: كفى! كفى محاولات بائسة للنيل من رجل لم يكتفِ بالكلام، بل صنع الفرق. إن من يُحارب تركي آل الشيخ اليوم، لا يُحاربه لأنه أخطأ، بل لأنه تفوّق عليهم جميعًا.
ألم نرَ كيف دعم الفنانين القدامى؟ ألم يمدّ يده لإنقاذ أصواتٍ كادت تندثر في زحام الزمن؟ ألم يكن سندًا للموهبة الحقيقية، سواء كانت ناشئة أو من زمن الطرب الأصيل؟ بل أكثر من ذلك، أعماله الخيرية التي تمتد إلى القرى، وإلى العائلات، وإلى من لا صوت لهم، لا يُعلن عنها لكنه لا يُنكرها أحد. رجلٌ يعالج على نفقته، ويساعد في صمت، ويقف مع كل صاحب حاجة دون مقابل.
تركي آل الشيخ لم يكن فقط راعيًا للفن، بل كان دائمًا سندًا للإنسان قبل الفنان. لم نرَ منه مجرد دعمٍ على المسرح أو إنتاجٍ لأغنية، بل شاهدنا قلبًا كبيرًا يقف خلف كواليس الحياة، يُساند من تعب، ويُعيد من غاب، ويُكرم من أخلص.
“فورة الذكريات”… لم تكن فقط لحظة غنائية عابرة، بل كانت صرخة وفاء أطلقها تركي آل الشيخ في وجه النسيان. أعاد بها الأضواء إلى نجوم من الزمن الجميل، وقف إلى جوارهم، واحتفى بهم كما لم يفعل أحدٌ من قبل. قدّم لهم منصة تليق بتاريخهم، وذكّرنا جميعًا أن الفن الحقيقي لا يموت، وأن الوفاء هو أعلى درجات الإنسانية.
كم من فنان تلاشى اسمه في ضجيج “الترند”، أعاده تركي آل الشيخ بحب. كم من صوتٍ قديم ظنه البعض قد صمت، فجاء تركي وأعاده ليصدح من جديد. لم يخذل أحدًا طرق بابه، ولم يتخلَّ عن رفيق دربٍ وقع به الزمن. بل أصبح للنجوم الكبار وطنًا جديدًا، اسمه تركي آل الشيخ.
وليس الفن وحده ما ناله من كرمه، بل الإنسانية كلّها. من التكفل بعلاج المرضى، إلى المبادرات الخيرية، إلى الوقوف بجانب الحالات الحرجة دون إعلان أو دعاية. الرجل الذي يستطيع أن يملأ الدنيا صخبًا بأعماله الخيرية، اختار أن يكون صامتًا… لأن العطاء، في قاموسه، لا يُسوّق، بل يُمنح.
نعم، تركي آل الشيخ ليس فقط “صانع موسم”، بل صانع ذاكرة… وضمير حيّ للفن العربي. في زمنٍ أصبح فيه الجحود عادة، هو تذكير دائم بأن الوفاء لا زال حيًّا بيننا، وأن الإنسانية يمكنها أن تتحدث بصوتٍ جميل وحنجرة أصيلة.
تركي آل الشيخ ليس مجرد مسؤول أو فنان أو مستثمر. إنه مشروعٌ ثقافي وإنساني عربي شامل. رجل يقف على مفترق الفن والرياضة والكرم، ويُصرّ أن يسير في جميع الاتجاهات، دون أن يتعثر، لأنه يسير بنيّة الخير، وبقلب لا يعرف إلا الإصرار.
فإلى كل من يُشكك أو يهاجم أو يقلّل، نقول: أنظروا ماذا يفعل لا ماذا يُقال عنه. فالأفعال هي ما يصنع الرجال، وتركـي آل الشيخ… رجل يكتب تاريخه بأفعالٍ تُحكى ولا تُنسى.
نقول: أنظروا إلى الأفعال قبل أن تصدّقوا الأقوال. هذا رجلٌ أعاد ترتيب الخريطة الفنية والرياضية في الوطن العربي، وجعلنا نُصدّر الثقافة لا نستهلكها فقط.