التخطي إلى المحتوى

 

بقلم عبدالرحمن يوسف..

معيد بقسم العلوم السياسية بجامعة حلوان 

 

تحت شعار معاً من اجل التنفيذ تستضيف مدينة شرم الشيخ المصرية فعاليات مؤتمر المناخ ، cop27 وذلك في السادس من نوفمبر الجارى وحتى الثامن عشر من نفس الشهر، و تتجه الأنظار نحو هذه القمة، التي يشارك فيها قادة العام، ومسؤولون رفيعو المستوى من الأمم المتحدة، كما يحضره آلاف النشطاء المعنيين بالبيئة من كافة دول العالم، وتُعد قضيه المناخ من اهم الموضوعات التي تشغل عقول الكثير من المفكرين في القرن الحادى والعشرين اذ انها قضية حيوية بل وجودية . والغرض من هذ المقال هو تحليل اهم القضايا والافكار والاهتمامات التي تحوز على عقول الشباب في مختلف بقاع العالم، بُغية توسيع أفق ومدارك شباب مختلف شرائح المجتمع اذ انها تحوز على اهتمام دولى ومحلى . وتجدر بنا الإشارة إلى أن قضية المناخ تُعد من أبرز القضايا العامة نظراً لانها تشكل خطر وجودي يهدد البشرية كافه ومن ثم يجيب التصدي لهذه الظاهرة ومن باب أولى ان يتصدى لها الشباب لذا لزم ادخال برامج توعوية ضمن هذه القمة المزمع إنعقادها بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر الجارى .

وتًشكل قضية المناخ تحول ليس في الاجواء والطقس وانما في النظام العالمي فمثلا نتج عن مؤتمر بريتون وودز منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي اليوم بعد عده سنوات تحول العالم سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً نحو الإقتصاد الأخضر خاصةً بعد الكوارث الطبيعية وظاهرة تسونامي وظهور العديد من موجات التصحر والجفاف التى ضربت عالمنا مؤخراً كذلك إرتفاع معدلات إنتشار الأوبئة والمجاعات وانتشار ظاهرة الإحتباس الحراري بالإضافة إلى أضرار الثروة الصناعية . ان من اكثر الدول تضررا على مستوى العالم من هذا الإحتباس الحراري هي جمهورية مصر العربية نظراً لوقوعها ضمن المناخ الحار الصحراوي حيث البيئة القاحلة والتى تحتم أن اى تغير بيئى سوف يؤدي إلى تغير في نمط الإنتاج وبالتالي فى نمط المعيشة وبالتالي التأثير على مستوى النشاط الإقتصادي وهذا يؤثر على مدى إستقرار الحياة السياسية

ومن ثم فإن ارتفاع مستويات الاحتباس الحراري ستؤدي إلى نقص في الناتج القومي وفي الغذاء بالتزامن مع زيادة السكان وتآكل الدلتا حتى أن جهاز شؤون البيئة اصدر تقرير ان المياه اذا ارتفعت متر واحد فقط ستؤدي الى فقدان مصر الى ثلث اراضى الدلتا بالاضافة إلى ظهور العديد من الحشرات الناقلة للامراض بسبب تفشي الحرارة أيضا تهديد الأمن الغذائي، وتجدر بنا الإشارة إلى أن الجهود المصرية الرامية إلى إحداث نقلة نوعية في مجال المناخ لم تكن وليدة اليوم وإنما منذ القدم والشاهد على ذلك أنه في فترة السبعينيات عُقد فى ستوكهولم مؤتمر المناخ ونادى فيه عالم مصري وهو دكتور محمد عبد الفتاح القصاص بضرورة المحافظة على المناخ وحماية كوكبنا رافعاً شعار ليس لنا سوى أرضاً واحدة ثم بعد ذلك دخلت مصر إلى مجال التنمية المستدامة .

ويمكن تناول قضية المناخ من خلال محورين هما ما هي طبيعة المشاكل المناخية وما هى الحلول الموضوعية لها ؟ و وما هو موضوع المؤتمر بالاضافة الى دور الشباب ؟، فعبى صعيد المحور الأول يمكن الإشارة إلى أن تدمير الغلاف الجوي كان بسبب ظاهره الاحتباس الحراري وتوسع العالم في الصناعات على حساب البيئه فانقلب السحر على الساحر بالاضافه الى ان زياده الانبعاثات الحراريه وحرائق الغابات ومخلفات المصانع وحرائق الوقود وقطع في الاشجار والغابات أدوا الى تجريف بعض المناطق وزياده ملوحه المياه وزياده درجات الحراره وزياده مخاطر الجفاف وزياده حدوث العواصف وسقوط الامطار وتدمير الانسان بالعديد من الامراض الفتاكه حتى ان الامر وصل الى وجود امراض نفسيه وعقليه بسبب ظاهره الاحتباس الحراري والشاهد على ذلك مقولة الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو وهي ان المناخ يؤثر في اخلاقيات الشعوب فالحر الشديد يؤدي الى حالات لا مبالاه وحالات ملل وباتالى تحدث أمراض نفسية وعقلية تنعكس بالسلب على البيئة والمناخ نظراً لغياب عامل الإبداع والإبتكار، وكحل مؤقت يمكن الدعوة إلى استبدال الوقود بمنتجات الغاز الطبيعي بالاضافة الى استخدام الطاقة الشمسية، واستخدام الاضاءة والانارة الموفرة للطاقة، كذلك يمكن الدعوة إلى زراعة اسطح المنازل، أيضاً طلاء المنازل من الخارج باللون الابيض واستخدام الهواء كطاقة بديلة .

أما عن المحور الثانى وهو أن الغرض من هذا المؤتمر الحفاظ على المناخ والبيئة وهنا يمكن الإشارة الى ان مصر لها دور ريادي وكدلاله على ذلك حرصت مصر على استضافة هذا المؤتمر من خلال طرح افكار بنائه من مختلف عقول العالم، وفيما يتعلق بالشباب فيمكن توعيتهم بأهمية البيئة هو الذي يتحدى كافة الصعاب والمعوقات والقوى العظمى المسيطروالمتسببة بشكل أساسى في مشكلة التلوث المناخي وفي ذلك الصدد نؤكد على دور الشباب في كل المجالات الفاعلة بالاضافة الى تعزيز الوعي الانساني وحرص أجهزة الدولة المصرية على ان تضع الشباب في المقدمة .

 

 

فماذا يريد العالم من هذه القمة؟، و ماذا تريد البلدان النامية من هذه القمة؟، وما الدور الذي ستلعبه مصر؟ فبكل بساطة العالم يرغب في زيادة نسبة تخفيض معدلات انبعاثات غازات الدفيئة وثاني أكسيد الكربون، بما يتماشى مع تقليل معدل زيادة درجة حرارة الكوكب إلى أقل من 1.5 درجة مئوية على أقل تقدير، أما الدول النامية الأكثر عرضة للآثار الضارة للتغير المناخي، كالفيضانات والجفاف وحرائق الغابات. وسيكون الوفاء باحتياجات هذه الدول نقطة محورية في مفاوضات قمة هذا العالم ، وتطلب هذه البلاد من الدول الغنية الوفاء بتعهدها بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لمساعدتها في التأقلم مع التغير المناخي، وفى صدد دورها المزمع لعبه تدفع مصر في اتجاه تنفيذ الدول الكبرى لتعهداتها في مؤتمرات الأمم المتحدة السابقة للمناخ، على رأسها اتفاقية باريس الموقعة عام 2015، واتفاقية قمة كوبنهاغن عام 2009، حيث تعهد الموقعون بضخ مليارات الدولارات لمساعدة البلدان الفقيرة على التعامل مع تأثير تغير المناخ.

ختاماً يمكن الدعوة إلى بعض التوصيات التى ربما تتفق لها أذهان صناع القرار بشتى دول العالم، وأولى تلك التوصيات زيادة حجم الضرائب المفروضة على كل مؤسسة تساعد في زيادة الإحتباس الحرارى إمالاً لمقولة أن الملوث عليه ان يدفع ثمن تلويثه للبيئة فالعنصر البشري هو المتسبب في حدوث التغيرات المناخية الضارة لذا عليه أن يتحمل الضريبة، ثانى هذه التوصيات تطوير العمل الإعلامى فالاعلام لابد وان يكون على قدر كبير من الوعي والايمان بالقضايا المختلفة بمختلف ابعادها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وفي ذلك استشهد بمقولة على أبن ابى طالب كرم الله وجهه ” ليس كل ما يعرف يقال وليس كل ما يقال جاء اوانه وليس كل كلام قد جاء اوانه قد حضر اهله “، وهذا من باب ان الاعلام له الدور المؤثر في المتلقي ومن ثم على الاعلاميين البعض منهم وليس الكل تحرى الدقة لذا لابد من التوعية والتدريب الاعلامي واعداد لدورات اعلامية هذا هو المطلوب، وثالث هذه التوصيات هو ضرورة تضافر جهود الدولة في مجال توعية الشباب مع استيعاب التطورات الحديثة والتغيرات العالمية ومتابعة تحركات الدولة وسياساتها وتشريعاتها فما يصلح اليوم ربما لا يصلح غدا فلابد من تجمع قادة العالم بشبابهم من اجل التصدي لهذه الظاهره، وخامس هذه التوصيات وضع ترتيبات يُرمى من ورائها التصدى إلى هذه الظاهرة مع التحضير مبكراً لخطوات تالية مع وضعها موضع التنفيذ وذلك في الدورات التالية، على رأسها قمة COP28 التي ستعقد في الإمارات العربية المتحدة العام المقبل.