التخطي إلى المحتوى

أعداد : محمد صوابى

تقول الأعلامية : هبه عبد الفتاح يوصف شهر رمضان المبارك بأنه شهر الخير، لذا تكثر فيه مظاهر الخير والإحسان، ومن بينها موائد الرحمن، التي تعد أحد أهم الطقوس التى يتميز بها الشهر الكريم ، فيحل علينا شهر رمضان الكريم، ويجلب معه الخير، ودائمًا ما تنتشر موائد الرحمن في جميع انحاء الجمهورية، لإطعام الآلاف من المواطنين على مدار الشهر، الذين منعتهم ظروفهم من التواجد في المنازل وقت الإفطار، أو الفقراء والمساكين ،
فيتهافت الأشخاص الراغبين في أخذ ثواب إفطار صائم على عمل موائد الرحمن، ومن المعروف أن مائدة الرحمن تعكس الكرم والجود والترابط الاجتماعى والمودة والمحبة بين أفراد المجتمع، وربما تمت تسميتها بهذا الاسم من سورة المائدة، حيث أنزل الله على سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام، مائدة طعام من السماء لتكون آية للعالمين.

وكذلك فإن مائدة الرحمن اسم يطلق على مائدة إفطار تقام فى أيام الصيام لإطعام المسلمين، وهناك من يتبرع للإنفاق على تنظيمها فى أوقات أخرى، وهى خاصة بالفقراء والمساكين، كما يستخدمها من لا يسعفه الطريق فى الوصول إلى بيته بسبب العمل أو ما شابه ، ولكن يغفل الكثيرون عن معرفة أصل تلك العادات والطقوس الرمضانية ،
ومن خلال سلسلة المقالات اليومية ( طقوس رمضانية ) التى أقدمها لكم ، وأبحث لكم فيها عن أصول العديد من الطقوس الدينية والاجتماعية والتراثية الرمضانية خلال الشهر المبارك ، أتناول اليوم معكم مائدة الرحمن ، وما هو أصلها ، ومن هو أول من أقامها .

رغم حالة الخلاف والجدال بين خبراء التاريخ والمؤرخين حول أحقية فكرة موائد الرحمن، إلا أنه من الثابت تاريخيًا، أن تلك الفكرة بدأت في عصر سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، فقد كانت البداية الحقيقية لظهور موائد الرحمن في عصر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، حين قدم إليه وفد من الطائف ، بينما كان هو في المدينة ،واعتنقوا الإسلام في ذلك الوقت، واستقروا في المدينة لفترة من الزمن، حيث كان يرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبات الإفطار والسحور مع بلال بن رباح لأهل “الطائف”، وذلك عندما زارهم في شهر رمضان الكريم، ومن بعده أخذ الفكرة الخلفاء الراشدين والصحابة وأهل بيته وأقتدوا بها ، وفيما بعد  قام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بتأسيس دارًا لإفطار الصائمون ، اطلق عليه إسم “دار الضيافة”.

و منذ أكثر من 1150 عام مضت، وتحديدًا في الخامس عشر من سبتمبر 868 ميلادية، دخل الأمير أحمد بن طولون مصر، وكان ذلك يوافق السابع من شهر رمضان المبارك، ثم قام بالإستقلال عن الخلافة العباسية، و بعدها قرر التقرب من شعب مصر ليعاونوه في حربة ضد معارضيه الموالين للخليفة العباسي، فقام بإعداد وليمة كُبري للتجار والأعيان، بل وأمرهم بفتح منازلهم، ومد موائدهم لإطعام الفقراء، كما أمر أن يُعلق هذا القرار في كل مكان، وكانت هذه الوليمة هي البداية الحقيقية لفكرة موائد الرحمن في بلاد المحروسة ، و هناك من أعتقد أن أول من أسس للفكرة كان الأمير أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية، وأنه أول من أقام مائدة للإفطار في السنة الرابعة من ولايته وكان يخطب في الناس ويقول (إني جامعكم حول تلك الأسمطة لأعلمكم طريق البر بالناس) ، حيث ظهرت بعد ذلك فكرة موائد الرحمن ، ولكنها اختفت بعد مرور فترة من الزمن.

وبعد اختفاء موائد الرحمن لفترة من الزمن ، و كعادة التاريخ البعيد، هناك دائمًا بداية أخري، فالفاطميين نابهم من تاريخ موائد الرحمن جانب ، وكانوا يعملون موائد ضخمة جدا ، فبعد اقل من قرن، وتحديدًا عام 972، وعقب دخول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي مصر في شهر رمضان، قرر هو الأخر أن يُقيم الولائم والموائد الرمضانية لشعب مصر، وكان يأمر الحكام وكبار رجال الدولة والتجار والأعيان، بعمل تلك الموائد، وأطلق عليها إسم “سماط الخليفة”، وكان القائمون على قصر الخليفة الفاطمي يوفرون مخزوناً كبيراً من السكر والدقيق لصناعة حلوى رمضان، وكانت تصنع أيضًا كعك العيد الذي يتم توزيعة أخر يوم رمضان ، وكان المعز لدين الله يخرج من قصره أطباق كثيرة جدا بها ألوان وأشكال من الاكل توزع على المحتاجين ، و قد أقام الخليفة المعز لدين الله الفاطمي مائدة في شهر رمضان يُفطر عليها أهل جامع عمرو بن العاص، وكان الخليفة المعز لدين الله الفاطمي يُخرج من قصره 1100 قدر من جميع أنواع الطعام لتوزيعها على الفقراء، وسميت موائد الرحمن في ذلك الوقت بإسم «دار الفطرة»، ووصل طول بعضها إلى 175 متر وعرضها 4 متر ، تحتوى ألوانا مختلفة من الطعام لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين عند الإفطار، وبعدها كان الخليفة يجلس فى شرفة كبيرة فى قصره حين يحين وقت الإفطار، ويقضى الوقت فى سماع القرآن الكريم ومشاهدة حلقات الذكر ، وتستمر تلك الطقوس حتى منتصف الليل، وبعدها يأمر الخليفة بتوزيع الهدايا على الفقراء حتى يحين موعد السحور، فتجد مائدة عامرة فى نفس مكان الإفطار ، وحملت مائدة الرحمن فى البداية اسم “دار الفطرة”، والتي كانت موجودة خارج القصر قبالة باب الديلم ومشهد الحسين، ومحلها اليوم الدور الواقعة فى أول شارع فريد على يمين الداخل فيه من جهة الميدان القبلى لجامع الحسين تجاه بوابة الباب الأخضر ، ولكن بعد ذلك بدأ الأمر يقل مرة أخرى في عصر المماليك والعثمانيين بسبب الحروب.

أما في عهد العزيز بالله الفاطمي، وفي عام 975 م، بعث إلى أمير دمشق يطلب قراصيا بعلبكية، فعاد الحمام الزاجل وفي إبط كل واحدة “حبة قراصيا”.

و استمرت إقامة موائد الرحمن فى عهد المماليك، وخصص بعض سلاطينهم أملاكا للإنفاق على هذه الموائد،  وكان منهم السلطان حسن بن قلاوون الذى أنشأ وقفًا لشراء اللحوم والخضار والأرز وغيرها من مستلزمات الطهى لإعداد الطعام للفقراء طوال الشهر الكريم ، وفي عهد المماليك ظلت فكرة موائد الرحمن قائمة، وكان السلطان حسن يقدم كل يوم من أيام رمضان 117 ذبيحة، ثم يتقدم خطباء الأزهر وجامع الأقمر مشيدين في خطبتهم بمناقب الخليفة، ثم ينشد المنشدون ابتهالات وقصائد عن فضائل شهر رمضان المبارك .

كان لموائد الرحمن تقاليد رسمية ، أشبه بمظاهر الإحتفال ، فقد كان الخليفة يخرج في مهرجان إعلان حلول رمضان من باب الذهب “أحد أبواب القصر الفاطمي”، متحليًا بملابسه الفخمة وحوله الوزراء بملابسهم المزركشة وخيولهم بسروجها المذهبة ، وفي أيديهم الرماح والأسلحة المطعمة بالذهب والفضة والأعلام الحريرية الملونة، وأمامهم الجنود تتقدمهم الموسيقى، ويسير في هذا الاحتفال التجار صانعو المعادن والصاغة، وغيرهم الذين كانوا يتسابقون في إقامة مختلف أنواع الزينة على حوانيتهم فتبدو الشوارع والطرقات في أبهى زينة.

كان موكب الخليفة يبدأ من “بين القصرين”، شارع المعز حاليا، و يسير في منطقة الجمالية حتى يخرج من باب الفتوح ” أحد أبواب سور القاهرة الشمالية”، ثم يدخل من باب النصر عائدًا إلى باب الذهب بالقصر، وفي أثناء الطريق يأمر الخليفة بتوزيع الصدقات على الفقراء، وحينما يعود إلى القصر يستقبله المقرئون بتلاوة القرآن في مدخل القصر ودهاليزه، حتى يصل إلى خزانة الكسوة الخاصة، فيغير ملابسه ويرسل إلى كل أمير في دولته طبق من الفضة الخالصة مملوء بجميع انواع الحلوى، تتوسطه صرة من الدنانير الذهبية، وتوزع الكسوة والصدقات والبخور وأعواد المسك على الموظفين والفقراء، ثم يتوجه لزيارة قبور آبائه حسب عاداته، وعقب إنتهائه من ذلك يأمر بأن يكتب إلى الولاة والنواب بحلول شهر رمضان الكريم .

فقد كان الخليفة الفاطمي يصلي أيام الجمعة الثلاث في رمضان، الثانية والثالثة والرابعة على الترتيب، يصلى الجمعة الثانية في جامع “الحاكم بأمر الله”، والجمعة الثالثة في الجامع الأزهر، أما الجمعة الرابعة التي تعرف بالجمعة اليتيمة فكان يؤديها في جامع “عمرو بن العاص”، وكان الخليفة يصرف من خزانة التوابل ماء الورد والعود لبخور موكبه، وعقب صلاة الجمعة الأخيرة يذاع بلاغ رسمي كان يعرف “بسجل البشارة”، وآخر ليلة من الشهر الكريم كان القراء والمنشدون يحيونها في “القصر الشرقي الكبير” ويستمع لهم الخليفة من خلف ستار، وفي نهاية السهرة ينثر على الحاضرين دنانير الذهب.

كان الخليفة الفاطمي يعهد للقضاة بالطواف بالمساجد في القاهرة وباقي الأقاليم، لتفقد ما تم إجراؤه فيها من إصلاح وفرش سجاجيد جديدة وتعليق المسارج والقناديل، حتى إن الرحالة “ناصر خسرو” الذي زار مصر في القرن الخامس الهجري وصف “الثريا” التي أهداها الخليفة الحاكم بأمر الله إلى مسجد عمرو بن العاص بالفسطاط، أنها كانت تزن سبعة قناطير من الفضة الخالصة، وكان يوقد بالجامع في ليالي المواسم والأعياد أكثر من 700 قنديل، وكان يفرش بعشر طبقات من الحصير الملون بعضها فوق بعض، وما إن ينتهي شهر رمضان حتى تعاد تلك الثريا والقناديل إلى مكان أعد خصيصا لحفظها فيه داخل المسجد، كما أن الدولة في ذلك الوقت كانت تخصص مبلغًا ماليًا لشراء البخور الهندي والكافور والمسك الذي يصرف لتلك المساجد في شهر الصوم.

وكذلك الحال في العصر العثماني، والذي انتشرت فيه موائد الرحمن أمام البيوت، فكان أمام كل مائدة أمير، وتوسع في ذلك الوالي العثماني ( عبد الرحمن كتخدا ) ، و الذي أطلقوا عليه إمام الخيرات ، فقد كان الحكام يهتمون بإقامة موائد الرحمن فى ساحات قصورهم وفى الأماكن العامة، حتى وإن كانت تختلف حجم المائدة وعدد المترددين عليها من الصائمين من فترة إلى أخري.

أما عن مصطلح “مائدة الرحمن” في حد ذاته ، فقد ظهر بكثرة في عهد شيخ الإسلام في عهد الدولة الأموية، الليث بن سعد بن عبد الرحمن، فقد كان محبًا لعمل الخير، وكان يساعد الفقراء والمساكين، كما أنه كان دائم القيام بإنشاء موائد طعام خارج منزله للفقراء وعابري السبيل، ولأن شهر رمضان هو شهر الخير والرحمة والبركة، و كان الليث ابن سعد شديد الثراء ، فقد قرر أن يعمل مائدة يقدم فيها أشهى المأكولات وخصوصا الهريسة ، والتي عرفت في ذلك الوقت باسم هريسة الليث، وهنا أتي المسمي الحقيقي لمائدة الرحمن علي اسم جده “عبد الرحمن”، وقد أستمر فيها حتي وفاته عام 791 ميلادي.

و في بغداد، ومع وصول هارون الرشيد إلي سدة الخلافة العباسية، إعتاد طيلة حكمة الذي استمر طيلة 23 عام، علي اقامة موائد الرحمن طيلة شهر رمضان في حديقة قصره، وكان يتنكر في ملابس بسيطة ومتواضعة، حتي يتجول بين الصائمين دون أن يعرفه أحد ، وذلك ليسألهم عن رأيهم في الطعام، حتي يستمر في تحسينه ، لتكون المائدة أفضل ما يقدمه للفقراء وعابري السبيل في شهر رمضان الكريم.
ويعتقد أن اختيار اسم الرحمن من ضمن أسماء الله الحسنى لكي يكون اسم المائدة ليس من فراغ، والمقصود هنا هو تنفيذ الاسم في صورة أفعال، فالتراحم والتكافل من أحسن السلوكيات التي من الممكن فعلها خلال الشهر الكريم.
ومع بداية مصر الحديثة، وطيلة عهد دولة أسرة محمد علي باشا، كان لموائد الرحمن دورًا مهما في القصر، ويكفي انه في عهد الملك فاروق، كان يُسمح بإقامة موائد الرحمن داخل قصر عابدين، ليستقبل العمال والفلاحين وعموم الشعب المصري، و بعد ذلك خصص الملك عدد من المطاعم المنتشرة في القاهرة لتكون مائدة طعام للفقراء والمحتاجون، لتتولي إدارة الملكية دفع قيمة مأكولات الإفطار والسحور ، فقد اهتم الملك فاروق بإحياء موائد الرحمن، فأقام مائدة إفطار فى الفناء الداخلى لقصر عابدين، وطلب من المحافظين إقامة موائد الرحمن فى عدد من المراكز التابعة لكل مديرية ، وكانت تُقام سرادقات فى مراكز إمبابة والجيزة والحوامدية والبدرشين والصف والعياط، و يتم تلاوة القرآن الكريم بها قبل آذان المغرب يعقبها تقديم «موائد ملكية» لإطعام الفقراء.

وبعد ثورة 23 يوليو 1952، وتحديدًا عام 1967 ميلادية، أُنشئ بنك ناصر الإجتماعي، ليُشرف علي تمويل موائد الرحمن من أموال الزكاة .

و من أشهر موائد الرحمن، تلك الموجودة فى مساجد الأزهر والفتح ومصطفى محمود فى القاهرة، ومسجد السيد البدوى فى طنطا، ومسجد عبد الرحيم القناوى فى قنا، وفى بعض الأحيان يقوم المنظمون لهذه الموائد بإرسال وجبات الطعام إلى منازل كبار السن ومن لا تسمح ظروفهم بالحضور ، ونجد أيضا فى كثير من الشوارع، وعند إشارات المرور فى المدن وفى الطرق التى تربط بين القرى والمدن شبابا يوزعون أكوابا من العصير وأكياسا من التمر وزجاجات المياه على المارة وراكبى السيارات فى وقت الإفطار ، و تتراص المناضد والمقاعد انتظارًا للمسافرين وأبناء السبيل للإفطار، وسط ترحاب من منظمى هذه الموائد ، موضحًا أن الموائد تعنى المعنى الحقيقى لأصحاب القلوب الرحيمة حين يتسابق الجميع لتقديم الإفطار للمتأخرين عن منازلهم، وكأنها تشبه المشاركة المجتمعية ، فنجد  المتطوعين للعمل بالمائدة ينقسمون جزءين: الأول ينتشر على الطريق لإيقاف السيارات وتوزيع التمر والعصائر المعبأة فى أكياس، والفريق الثانى يقوم بفرش الطاولات والمناضد ورص أطباق السلطة وباقى الطعام على عدد الكراسى، حيث يتشارك الجميع فى الإفطار طوال الشهر الكريم.

و كانت أول مائدة قبطية فى عام 1969، هى المائدة التى نظمها القمص صليب متى ساويرس راعى كنيسة مار جرجس بميدان الأفضل بحى شبرا، وتردد عليها المسلمون والأقباط على حد سواء.

ويقيم القبطى رومانى رمزى عجايبى، أحد أشهر تجار الجملة بالأقصر والبحر الأحمر، مائدة الرحمن للصائمين، خلال شهر رمضان الكريم بمحافظة الأقصر ويشرف عليها بنفسه ، وهو أمر يستقبله أهالى المحافظة بترحاب شديد، مؤكدين روح المحبة التى تسود بين أبناء الوطن بعيدًا عن الفتن ، وعبر رواد التواصل الاجتماعى بالأقصر عن سعادتهم بهذه المائدة التى تقام سنويًا وتعبر عن مدى التلاحم بين عنصرى الأمة، وفى لفتة تؤكد قوة وعمق العلاقة بين نسيج الوطن الواحد «المسلمين والمسيحيين» ومدى المحبة بينهما ، هذا وقد وضح رومانى رمزى عجايبى مؤكدا ، إنه ينظم مائدة رحمن سنوية للمساهمة فى الإفطار للمسلمين، بتوفير الوجبات يوميًا من اللحوم والدواجن، مؤكدًا أنه يستعين بطهاة محترفين يعملون فى الفنادق لتجهيز المائدة.

وأضاف بيشوى رومانى رمزى أن المائدة تقام أمام المقر الرئيسى لمحلاته سنويًا، ويتم خلالها توفير وجبات يومية لأكثر من 250 مواطنًا، مؤكدًا أنها مستمرة طوال شهر رمضان المبارك، وهناك وجبات يتم توزيعها على الأسر الأولى بالرعاية يوميًا وتوصيلها لمنازلهم ، فالتراحم والتلاحم بين المسلمين والمسيحيين يولّد المحبة بين الجميع، ونحن جميعًا فى حاجة لنشر روح المحبة والتسامح بين أبناء الوطن الواحد، لضرب أروع الأمثلة فى المحبة والأخوة والإنسانية.‏

فى الأقصر، لا يزال الخير مستمرًا على الطرق السريعة الرابطة بين محافظات الجنوب، الأقصر وقنا وأسوان، وبالرغم من ارتفاع درجات الحرارة، يقبل المتطوعون على خدمة موائد الرحمن التى أخذت أماكنها بطول الطرق الصحراوية والزراعية، فيقابلون ركاب السيارات بابتسامة مقدمين للمسافرين المتأخرين عن منازلهم البلح والعصير والدعوة للإفطار على المائدة التى تحمل أشهى المأكولات.

ويعد الشيخ كاكا الحسينى، صاحب واحدة من أشهر الموائد الرمضانية بين الأقصر وقنا، فى قرية العيايشا، والذي يؤكد أن موائد الرحمن تعتبر بالنسبة لأهل الصعيد جزءًا من العادات والتقاليد، وهى إكرام الضيف، وتعتبر من أشهر الطقوس التى يحرص عليها طوال الشهر الكريم، موضحًا أن الموائد تعنى المعنى الحقيقى لأصحاب القلوب الرحيمة حين يتسابق الجميع لتقديم الإفطار للمتأخرين عن منازلهم، شىء جميل، وكأنها تشبه المشاركة بروح من التآلف والتراحم والتآخي .

وموائد رمضان على وجه العموم تحفل بالحلويات والمشروبات وغيرهما ، والتى سجلتها بعض الأغنيات التى يقول مطلعها : « جبت لنا معاك الخير كله، من الصبح نقوم ونحضرله، بالقمر الدين وبلح على تين ، من المغرب للمدفع واقفين» .

ويعد الفول أول الأطباق المصرية المعروفة والتي و
لا تكاد تخلو منه مائدة رمضان ، ويتفنن المصريون في عمل أصناف منه حيث تحرص عليه كل أسرة وخاصة في السحور، ومن أشهر الحلويات في المائدة الرمضانية هي الكنافة ، القطايف ، أم على ، اما المشروبات فأشهرها العرقسوس و الكركديه ، التمر الهندى ، قمر الدين ، الخروب.