التخطي إلى المحتوى

“من الابن الوفي… إلى الأب المؤسس والإخوة الداعمين :سأبقى أحمل اسم أبي وأمشي على خُطى إخوتي… فالعلم في دمنا”

“ما زلت أرى أبي واقفًا بين الكتب.. مبتسمًا للقرّاء”

أبي أسس الحلم.. وأخي إلهامي علّمني كيف أعيشه”

مكتبة “العزيزية”.. من كتاب “معلم القراءة” إلى ما يُشبه الخلود

من الأب المؤسس إلى الابن المطوّر.. أيمن يكتب سطرًا جديدًا في تاريخ الفجالة”

بالحبر والحنين.. أيمن عبد العزيز يكتب للمستقبل”

“تكريم بالإجماع من عمالقة النشر… أيمن عبد العزيز قتلان موزّع بثقل المصداقية ورفعة الأخلاق

بين أرفف الكتب.. يعيش عبد العزيز قتلان في ذاكرة ابنه”

“سيرة لا تُشترى.. مكتبة صنعتها المحبة والوفاء”

تحقيق يكتبه علاء قنديل 

في قلب “الفجالة”، حيث يفوح عبق الورق والحبر وتتصافح الأرواح مع الكتب قبل الأيدي، تقف مكتبة العزيزية شامخةً كأنها تحرس تراثًا لا يُنسى، وتروي حكاية عائلة جعلت من الثقافة رسالة، ومن حب الكتاب مبدأ لا يُساوم عليه.البداية.. من عبد العزيز قتلان إلى أول كتاب يعلّم اللغة
لم يكن اختيار اسم “العزيزية” عاديًا. فالمكتبة حملت اسم مؤسسها الراحل عبد العزيز قتلان، تكريمًا وتخليدًا لرجل آمن بالكلمة، وعاش عمره لنشر العلم. وكانت واحدة من أوائل المكتبات في مصر التي قدمت كتاب “معلم القراءة”، أول كتاب موجه لتعليم الأطفال اللغة العربية بطريقة سهلة وبسيطة، غرس عبره الراحل أول بذرة في عقل كل طفل قرأ أو تعلّم في بداياته.
عتيقة هي المكتبة في موقعها، لكنها فتية بروحها. لا تزال تقف شامخة في الفجالة، تلك البقعة التي تفيض كتبًا وتاريخًا، وتحمل على جدرانها مئات الحكايات الثقافية.
أيمن عبد العزيز.. عندما يتحوّل الابن إلى مايسترو الثقافة
لكن كل حلم يحتاج لمن يحفظه، يرمّمه، ويعيد بعثه من جديد. وهذا ما فعله أيمن عبد العزيز قتلان، الابن البار الذي ورث عن والده المكتبة، ولكن قبلها ورث الإيمان بالعلم، والتفاني في حب الناس، وسمو الأخلاق.
أيمن، الحاصل على ليسانس الآداب، لم يكتفِ فقط بممارسة العمل التقليدي كصاحب مكتبة، بل أعاد تعريف المفهوم ذاته. جعل من المكتبة مركزًا فكريًا، وفتح أبوابها على كل جديد، ليجمع بين الأصالة والتجديد، ويضع “العزيزية” في مكانة تنافس بها أكبر دور النشر، بروح مختلفة وفكر مغاير.
هو منافس شرس، لكن بأدب واحترام. يعرفه أهل الفجالة والمثقفون والزائرون من كل مكان. يسأل الجميع عن مكتبة العزيزية، ثم يهمسون بعدها: “هي دي بتاعة الأستاذ أيمن”. تلازمه صفة “المايسترو”، لأنه يعرف كيف يقود نوتة الثقافة، ويوزع أدوار الكتاب والمعرفة بتوازن لافت.
يخلد اسم أبيه ويصون العائلة
“أسميتها العزيزية وفاءً لأبي.. وسأبقى أفتتح فروعًا تحمل روحه”، هكذا يقول أيمن، الذي لا ينسى لحظة واحدة من مشوار والده. بل ويعترف بفضل جميع أفراد أسرته، خاصة شقيقه الراحل الأستاذ إلهامي، الذي تعلّم منه الكثير، وكان له أثر بالغ في صياغة وعيه الثقافي وإدارته الرصينة.
إنها ليست مكتبة فقط، بل قصة عائلة تعشق الكتب، وتؤمن بالعلم، وتقدس الذاكرة. أيمن لم يحد يومًا عن هذا الإرث. بل أضاف إليه، ووسع مجاله، وجعل من المكتبة كيانًا نابضًا وسط زحام الحياة وتغيرات السوق.
أيمن عبد العزيز.. تكريمات لموزّع أصبح عنوانًا للثقة والمعرفة
لم يكن اسم أيمن عبد العزيز قتلان مجرد اسم متداول في أوساط الفجالة، بل أصبح علامة موثوقة في عالم النشر والتوزيع، بفضل ما قدّمه من التزام نادر، واحترافية جعلت منه حلقة الوصل المفضلة بين كبار الناشرين وجمهور القرّاء.
ونتيجة لمسيرته الطويلة الحافلة بالعطاء، حصل على تكريمات ودرع التقدير من مؤسسات ودور نشر رفيعة المستوى، أبرزها:
مكتبة نهضة مصر
المؤسسة العربية الحديثة
مكتبة غزة الثقافية
سلسلة الأبرار
المكتبة الدولية للطباعة والنشر والتوزيع “الامتحان “
وقد جاء هذا التكريم تقديرًا لدوره البارز كموزع معتمد وفاعل في نشر كتب هذه المؤسسات بين الطلاب والقراء والمراكز التعليمية، خاصة في منطقة الفجالة. كما ارتبط اسمه بتوزيع أعمال مميزة مثل سلسلة “كتب الإمام”، وعدد من الإصدارات التعليمية والدينية والثقافية التي انتشرت بفضله على نطاق واسع.
💬 وعلى لسان أيمن عبد العزيز، جاء التعبير عن هذه اللحظة بتأثر بالغ:
“التكريم الحقيقي بالنسبة لي هو ثقة الناس واحترام الناشرين.. لكن حين تصلني دروع وشهادات من مؤسسات عظيمة، أشعر أن أبي ينظر إليّ بفخر، وأخي الراحل الأستاذ إلهامي يبتسم في صمت. هذا التقدير وسام على صدري وهدية لروحهما.”
هذه الجوائز لم تكن مجرد مجاملة، بل شهادات حقيقية تُكتب في سجل الرجل الذي خدم الثقافة بصمت وشغف، وبذل من وقته وجهده ما يجعل اسمه محفوظًا في ذاكرة كل من عمل معه أو تعامل معه قارئًا أو ناشرًا.
الفجالة تذكره.. والناس تحبه
في الفجالة، لا تذكر المكتبات إلا وتُذكر “العزيزية”، ولا يذكرها أحد إلا ويربطها فورًا بـ”الأستاذ أيمن”. لم يصنع هذه السمعة بالصدفة، بل صنعها بأخلاقه، تواضعه، معرفته العميقة بالكتاب واحتياجات القارئ، وحرصه على أن تظل المكتبة للجميع: للتلميذ، وللأستاذ، وللباحث، ولمن يريد أن يقرأ فقط لأنه يحب القراءة.
كلمة أخيرة..
قد تكون هناك مكتبات كثيرة في مصر، وقد تكون الفجالة مليئة بالأرفف واللافتات، لكن “مكتبة العزيزية” حالة خاصة. إنها قصة وفاء وذكاء، مزيج بين أب أسس الحلم، وابن حفظه وطوّره، وعائلة آمنت بأن الثقافة لا تموت.
أيمن عبد العزيز قتلان.. رجل لا يبيع كتبًا فقط، بل يمنحك تجربة إنسانية خالصة، يضيف فيها من طيب روحه، ويجعلك حين تغادر، تحمل في حقيبتك كتابًا، وفي قلبك احترامًا لا يُشترى.