التخطي إلى المحتوى

تحقيق يكتبه :علاء قنديل

كشف البيت الأبيض عن وثيقة تحمل ملامح ما أسماه الرئيس الأميركي دونالد ترمب “الخطة الشاملة لإنهاء النزاع في غزة”. خطة أثارت جدلاً واسعاً، ليس فقط لأنها تعِد بوقف فوري للحرب، بل لأنها تعيد رسم ملامح إدارة القطاع، وتطرح آليات سياسية وأمنية واقتصادية غير مسبوقة.

### ملامح عامة للخطة

تنطلق الخطة من اعتبار غزة منطقة “منزوعة التطرف” وخالية من التهديد لجيرانها، مع وعود بإعادة إعمارها وإنعاش اقتصادها. وفي مقابل ذلك، تطرح انسحاباً إسرائيلياً تدريجياً من القطاع، يبدأ بوقف العمليات العسكرية وإطلاق سراح الرهائن، وينتهي بإنهاء الوجود العسكري الإسرائيلي بشكل كامل، على أن تتسلم قوة استقرار دولية مسؤولية الأمن بالتعاون مع الشرطة الفلسطينية.

### الحكم الانتقالي

أحد أكثر البنود إثارة للانتباه يتعلق بإدارة غزة عبر لجنة فلسطينية تكنوقراطية مؤقتة، تحت إشراف هيئة انتقالية دولية أطلق عليها اسم “مجلس السلام”، برئاسة ترمب نفسه، مع مشاركة شخصيات دولية مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. هذه اللجنة ستكون مسؤولة عن الخدمات العامة وإدارة التمويل الخاص بإعادة الإعمار، إلى حين استكمال إصلاحات السلطة الفلسطينية وقدرتها على استعادة السيطرة على القطاع.

### ملف حماس

الخطة تضع حركة حماس أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التخلي عن السلاح والانخراط في التعايش السلمي مقابل عفو عام، أو مغادرة غزة عبر ممرات آمنة إلى دول مستعدة لاستقبالهم. في الوقت نفسه، تشدد البنود على تدمير البنية التحتية العسكرية والأنفاق ومرافق إنتاج السلاح، بإشراف مراقبين دوليين مستقلين، مع إطلاق برنامج شراء سلاح دولي التمويل لإعادة دمج العناصر السابقة في الحياة المدنية.

### إعادة الإعمار والتنمية

الجانب الاقتصادي من الخطة لا يقل تعقيداً عن شقها الأمني والسياسي. فقد تعهدت واشنطن بإنشاء منطقة اقتصادية خاصة في غزة، تمنح تسهيلات جمركية وفرص استثمارية، مع طرح ما سماه ترمب “خطة التنمية الاقتصادية” التي تستند إلى خبرات ساهمت في بناء مدن حديثة في المنطقة. الهدف المعلن هو توفير فرص عمل وتشجيع السكان على البقاء في القطاع وبناء مستقبل جديد.

### قوة استقرار دولية

الشق الأمني يرتكز على نشر قوة استقرار دولية مؤقتة، تضم خبرات من مصر والأردن وشركاء آخرين، تعمل على تدريب الشرطة الفلسطينية ومراقبة الحدود ومنع دخول السلاح. هذه القوة ستكون الضامن الأساسي لتنفيذ الانسحاب الإسرائيلي، ومن المفترض أن تتحول تدريجياً إلى بديل دائم للوجود العسكري في غزة.

### أفق سياسي

مع تقدم إعادة الإعمار وتنفيذ الإصلاحات الفلسطينية، تفتح الخطة الباب أمام حوار سياسي طويل الأمد بين إسرائيل والفلسطينيين، بهدف التوصل إلى تسوية تعترف في النهاية بحق تقرير المصير للفلسطينيين، وربما إقامة دولة، وهو ما وصفته الوثيقة بـ “الأمل المستقبلي” للشعب الفلسطيني.

### بين الواقع والتنفيذ

رغم ما تحمله الخطة من وعود بوقف الحرب وإعادة الإعمار، يظل التساؤل قائماً: هل ستقبل الأطراف المتصارعة، خاصة حماس وإسرائيل، بهذه البنود؟ وهل يمكن أن تتحول قوة دولية برئاسة ترمب إلى مظلة واقعية لحكم غزة؟ أم أن هذه البنود ستظل حبراً على ورق في ملف طويل من المبادرات التي وُلدت ثم طواها النسيان؟