تحقيق يكتبه :علاء قنديل
تأتى زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى مصر فى توقيت شديد الحساسيه سواء على مستوى الإقليم أو التوازنات الدوليه فهذه الزياره تحمل دلالات تتجاوز الطابع البروتوكولى إلى عمق الحسابات الإستراتيجيه بين القاهرة وواشنطن فى ظل حرب غزه التى تدخل عامها الثالث والحديث عن ترتيبات جديده قد تعيد رسم خريطه النفوذ فى الشرق الأوسط
ترامب الذى يسعى لإعاده تثبيت حضوره كزعيم فاعل على المسرح الدولى اختار القاهره تحديدًا كأول محطه عربيه له منذ عودته إلى البيت الأبيض وهو اختيار يعكس إدراك الإداره الأمريكيه بأن مصر مازالت تمثل حجر الزاويه فى أى تسويه سياسيه تخص المنطقه وفى مقدمتها الملف الفلسطينى فواشنطن تدرك أن أى سلام لا يمكن أن يمر دون موافقه ودعم القاهره
الزياره تكتسب زخمًا إضافيًا كونها ليست الأولى من نوعها فى تواصل ترامب مع الرئيس عبد الفتاح السيسى إذ جمعت بينهما لقاءات سابقه خلال فتره رئاسته الأولى فى البيت الأبيض وعلى هامش الجمعيه العامه للأمم المتحده وكانت العلاقه بين الجانبين توصف دومًا بأنها علاقه قويه ومباشره تقوم على المصالح المشتركه لا المجاملات السياسيه فترامب كان يرى فى السيسى قائدًا حازمًا وشريكًا موثوقًا بينما رأت مصر فى ترامب رئيسًا برجماتيا يمكن التفاهم معه بعيدًا عن الضغوط الأيديولوجيه
لكن رغم هذا التقارب فإن العلاقه لم تخلُ من لحظات شد وجذب خصوصًا عندما طرحت الإداره الأمريكيه السابقه خطه تضمنت نقل جزء من سكان غزه إلى سيناء وهى الخطه التى رفضتها مصر بشكل قاطع معتبره أنها تمس أمنها القومى وحدودها السياديه هذا الرفض المصرى عزز فى حينه مكانه القاهره كدوله تدافع عن الثوابت الوطنيه وفى الوقت نفسه تحافظ على قنوات الحوار مع واشنطن
الزياره الحاليه تفتح فصلًا جديدًا من التنسيق السياسى والعسكرى بين البلدين فترامب الذى يسعى لتسويق نفسه كصانع سلام سيحاول إظهار مصر كشريك رئيسى فى أى اتفاق مرتقب بينما تسعى القاهره إلى تأكيد دورها كوسيط نزيه يوازن بين دعم الحق الفلسطينى والحفاظ على استقرار المنطقه وبالنسبه للولايات المتحده فإن دعم مصر فى هذه المرحله يمثل ضمانه لاستمرار النفوذ الأمريكى فى الشرق الأوسط خصوصًا مع تصاعد الدورين الصينى والروسى فى الملفات الإقليميه
المتابعون يرون أن الزياره ليست مجرد لقاء سياسى بل اختبار حقيقى لعمق الثقه بين ترامب والسيسى فالتفاهم بين الرجلين يقوم على إدراك مشترك بأن الأمن والاستقرار أولوية تتجاوز الحسابات التكتيكيه وأن الحفاظ على شراكه متوازنه بين القاهره وواشنطن هو الضمانه لاستمرار قنوات التأثير فى الملفات الساخنه من غزه إلى البحر الأحمر
إنها باختصار زياره عنوانها التعاون والمصالح المتبادله ورسالتها أن مصر لا تزال مركز الثقل العربى والسياسى فى الإقليم وأن واشنطن تدرك جيدًا أن مفتاح الشرق الأوسط يبدأ من القاهره