التخطي إلى المحتوى

الدولتان ترفضان محاولات الوقيعة
الوقيعة اثبتت قوة وصلابة العلاقة بين الدوليتين شعبا وحكومتا

تقرير يكتيه :علاء قنديل

“بالرغم من “بعض المحاولات على وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا، الساعية إلى الوقيعة بين الشعبين الشقيقين “. ومن قبل ذلك محاولات ايضا من جانب دول الشر للوقيعة بين مصر والكويت عبر استغلال أحداث فردية أو ترديد شائعات تستهدف النيل من الروابط التاريخية بينهما، إلا أن المسئولين فى كلا البلدين أكدوا على عمق العلاقة بينهما والوقوف ضد أى محاولات لتعكير الصفو والروابط الأخوية بين البلدين .

وتدعم الكويت استقرار مصر وتعزز من دورها العربى والاقليمى ، وتنظر إلى مصر باعتبار أن دورها محورى ومطلوى وأن قوة واستقرار مصر قوة للعرب ولذلك دائما ما تدعم الكويت مصر وخطواتها نحو الاستقرار، وتجلى ذلك مؤخرا حين أكدت الكويت على وقوفها إلى جانب مصر فى عمليتها العسكرية الأخيرة ضد الإرهاب «سيناء 2018 « فضلا عن دعم كل الاجراءات المصرية التى تسعى لتحقيق الاستقرار .

وكشف التاريخ عن توافق تام بين مصر والكويت على المستويين الرسمى والشعبى وبينهما خصائص تجمعهما، وتؤكد إدراك كل طرف لأهمية الطرف الآسخر فضلا عن التأثير والدعم المتبادل بين البلدين والاتفاق فى الرؤى حيال القضايا المختلفة على الساحة الاقليمية والدولية.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان، إن مواطني البلدين (مصر والكويت) “اشتركوا في نضالات مشتركة، امتزجت فيها دماؤهم الذكية تضامنا مع بعضهما البعض”.

وشددت على أن العلاقات بين البلدين “تتمتع باهتمام الجانبين، وتحظى بحرصهما المتبادل على تنميتها إلى آفاق أرحب، بما يحقق المصلحة المشتركة للشعبين”.

وقالت الخارجية المصرية، إنها “تابعت بمزيج من الرفض والاستنكار مؤخرا، بعض المحاولات على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تسعى للوقيعة بين الشعبين الشقيقين، وذلك من خلال المس بالرموز أو القيادات من الجانبين”.

واعتبرت أن “جهات مغرضة تستهدف العلاقات الطيبة القائمة بين الجانبين، تقف وراء هذه الإساءات”.

وأضاف البيان: “تؤكد الوزارة على اعتزاز الجانبين بالجالية المصرية بالكويت والجالية الكويتية في مصر، وبأن أبناء الجاليتين يتمتعان بكل احترام وتقدير، وبما يحفظ حقوقهم وكرامتهم؛ كما أن لهم دورا إيجابيا في تنمية المجتمعات التي يعيشون فيها، وهم يساهمون في تطوير العلاقات الثنائية بين الدولتين
أعرب وزير الخارجية الكويتي، أحمد الناصر، ، عن عدم ارتياحه ورفضه للمحاولات المسيئة والهادفة إلى المساس بالعلاقات بين البلدين أو التطاول على مرتكزاتها.

وأكد الوزير ، أن ما يجمع الشعبين من أواصر الأخوة أقوى من أن تنال منه مثل هذه المحاولات التي لا تعكس مشاعر الأخوة والمصير المشترك بينهما.
تعتبر العلاقات المصرية – الكويتية المتجذرة عبر تاريخ البلدين، نموذجا يحتذى به في العلاقات الدولية، حيث تؤكد مصر دائما تأييدها ووقوفها إلى جانب كل ما من شأنه تحقيق أمن الكويت واستقرارها سياسيا واقتصاديا وعسكريا، حيث كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، من أوائل الرؤساء الذين هنأوا الكويت باستقلالها عام 1961، فضلًا عن موقف القيادة المصرية المؤيد والداعم للكويت خلال فترة الغزو العراقي عام 1990.

في المقابل، تؤكد الكويت دائما دعمها الكامل لمصر في مختلف المواقف والأزمات التي تمر بها، وهو ما اتضح جليا، حينما أعلنت الوحدة المصرية – السورية عام 1958؛ حيث أعلنت الكويت دعمها لتلك الوحدة بالكامل، على الرغم من عدم ارتياح بعض دول المنطقة لتلك الوحدة حينها، وكذلك وقوف الكويت إلى جانب مصر في مواجهة عدوان يونيو 1967، وفي حرب أكتوبر عام 1973، وأخيرا في تأييد إرادة الشعب المصري في ثورة 30 يونيو 2013.
ثم جاءت الدفعة التى اكتسبتها علاقات البلدين فى العقد الحالي، عقب ثلاثة زيارات قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى للكويت لتكون علامة جديدة على رسوخ وتطور هذه العلاقات ـ تواكب معها ثلاثة زيارات مماثلة للشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح امير الكويت لمصر كانت الاولى للمشاركة فى فعاليات المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ والثانية لحضور حفل افتتاح مشروع ازدواج قناة السويس، وسبقتهما زيارة خاصة لحضور حفل تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسى بعد انتخابه رئيسا للبلاد عام 2014، ويسعى الجانبان الى مزيد من التطور والارتقاء عبر حزمة من برامج التعاون تشمل كافة الميادين الاقتصادية والتجارية والثقافية بما يؤكد ان هناك الكثير والكثير الذى ينتظر علاقات البلدين فى الفترة المقبلة .

تنامى الاستثمارات

ومن أهم مجالات العلاقة بين مصر والكويت هو المجال الاقتصادي، حيث أنه من المباديء الراسخة لديهما التوظيف المستمر للموارد والاستثمارات فى مساعدة الشعوب ودفع العلاقات قدما وتنميتها، وتبادر الكويت دائما بتبنى مشروعات وبرامج دعم للدول الشقيقة، ولذلك تم إنشاء الصندوق الكويتى للتنمية العربية عام 1961 والذى تزامن مع استكمال الكويت لاستقلالها معبرا عن هذا التوجه ومجسدا له.

ولم يتوقف الدعم الكويتى لمصر على مر التاريخ ، وفى كافة المجالات وخاصة المجال الاقتصادى ، فتشير التقديرات الى ان نسبة الاستثمارات الكويتية فى مصر تبلغ نحو 25 % من حجم الاستثمارات العربية فى مصر وتحتل المرتبة الثالثة بين هذه الاستثمارات فضلا عن أن هناك نحو 1230 شركة كويتية تعمل فى مصر فى مجالات مختلفة ومتنوعة.

وعلاوة على ذلك تفتح الكويت ابوابها للكوادر المصرية وهو نوع آخر من التعاون الاقتصادى والدعم غير المباشر للاقتصاد المصرى حيث وصل حجم الجالية المصرية فى الكويت الى ما يقارب 700 الف مصرى يساهمون فى مجالات التنمية المختلفة وتتجاوز قيمة تحويلاتها 4 مليارات دولار سنويا وتعد الجالية العربية الاولى فى الكويت.

وتشير التقديرات الى ان حجم الاستثمارات الكويتية الحكومية والخاصة فى مصر شهدت نموا-بشكل مطرد خلال الآونة الأخيرة-حيث تبوأت الكويت المرتبة الرابعة ضمن قائمة الدول الأكثر استثماراً فى مصر، والثالثة عربياً، باستثمارات تصل إلى نحو 16 مليار دولار، فضلاً عن استثمارات مصرية بالسوق الكويتى تقدر بنحو 1.1 مليار دولار، ويعد ذلك احد ثمار الجهد المشترك لتعزيز هذه الاستثمارات علاوة على الدور المحورى الذى تقوم به اللجنة المشتركة المصرية الكويتية التى تشكلت عام 1998، وعقدت العديد من الاجتماعات، كان احدثها اجتماع الدورة الثانية عشرة بالكويت خلال ديسمبر الماضى هذا بالإضافة الى اجتماع اللجنة القنصلية المشتركة فى القاهرة.

التعليم والثقافة

وعلاوة على ذلك تتسم علاقات البلدين بتجذر التعاون فى المجالات الثقافية والتعليمية، وما تمثله من ركيزة هامة تمتد جذورها إلى النصف الأول من القرن العشرين، حين تم إيفاد أول بعثة تعليمية كويتية للدراسة فى الأزهر الشريف عام 1939، أعقبها بعدة سنوات انتداب أول مجموعة من المعلمين المصريين للعمل بدولة الكويت، وكان من نتاج هذا التعاون تنظيم احتفالية كبيرة بمناسبة مرور 60 عاما على صدور مجلة العربى فى مقر السفارة الكويتية تحت رعاية وزير الاعلام وزير الدولة لشئون الشباب محمد الجبرى وسفير دولة الكويت بالقاهرة محمد صالح الذويخ، شارك فيها لفيف كبير من رجال الفكر والأدب والشخصيات العامة من مصر والكويت، وفى المقابل تستضيف الكويت نحو 700 ألف مواطن مصري، لتحتل بذلك مرتبة متقدمة ضمن أكثر الدول اجتذابا للعمالة المصرية بالخارج.

كما أن هناك جالية كويتية فى مصر من الدارسين فى الجامعات المصرية فضلا عن المستثمرين وأصحاب الأعمال تقدر بنحو 22 ألف كويتي، وتزيد قيمة إنفاقهم على مليار دولار سنويا ، وكلها ملامح تؤكد الاهتمام الرسمى والشعبى الكبير بتطوير العلاقات الثنائية فى مجال الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، ويؤكد المسئولون فى الكويت سعيهم لمزيد من التعاون وترحيبهم بتواجد الشركات المصرية فى الكويت التى تقوم بعضها بتنفيذ بعض المشاريع حيث يتميز الاقتصاد الكويتى بتعدد الفرص والانفتاح على كافة الاستثمارات الخارجية .

اجتماعات دورية

فى عام 1998 تأسست اللجنة العليا المشتركة بين البلدين لتحقيق القدر الأكبر من التنسيق والتعاون فى مجالات التعاون المختلفة ، كما ترتبط الدولتان بالعديد من بروتوكولات التعاون بين المؤسسات ( السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتعليمية والفنية والإعلامية والقضائية والأوقاف والشئون الإسلامية ) والمؤسسات المناظرة فى كلا البلدين، وتتواصل جلساتها باستمرار، بما يخدم مصالح البلدين الشقيقين.

وقدمت الكويت عقب ثورة 30 يونيو حزمة مساعدات اقتصادية لمصر على مرحلتين بقيمة 8 مليارات دولار، تلاها توقيع عدة اتفاقيات مع الصندوق الكويتى للتنمية لتطوير قطاعى الكهرباء والنقل ليصل اجمالى مساهمات الصندوق الى 4، 3 مليار دولار عبر أكثر من50 قرضا كان من أبرزها توقيع اتفاق بقيمة 100 مليون دولار لتمويل جزء من حصة مصر فى مشروع الربط الكهربائى مع المملكة السعودية، علاوة على 4 محطات لتحلية المياه فى شبه جزيرة سيناء، وهو احد المشروعات الاستراتيجية المهمة التى تركز عليها مصر فى الوقت الحالى.

ويركز الصندوق الكويتى للتنمية فى نشاطه على قطاعات اساسية كالزراعة والمياه والتعليم والصحة وتمويل برامج عمليات بنوك التنمية المحلية والصناديق الإجتماعية، نظرا لآثارها الإيجابية الملموسة على توفير الغذاء وتحسين مستويات المعيشة وإيجاد فرص عمل جديدة تساهم فى الحد من البطالة وتدعيم تحقيق الأهداف الإنمائية المنشودة.

وكان للصندوق دور بارز فى مشاريع عملاقة فى مصر منذ سنوات طويلة من ابرزها مشروع تعميق وتطوير مجرى قناة السويس بحيث يسمح للسفن العملاقة بالمرور فى القناة ، ومشروع توصيل مياه نهر النيل إلى أرض سيناء من خلال ترعة الشيخ جابر والذى كان مقدرا ان يسهم فى زراعة 400 ألف فدان فى أرض سيناء، كما دعم الصندوق برامج الصندوق الاجتماعى للتنمية بعدد من القروض الميسرة التى كانت تستهدف مواجهة مشكلة البطالة بين الشباب.

وكانت إدارة الصندوق سريعة الاستجابة لكل ما تطلبه مصر من صور التعاون ايمانا بقناعتها بأهمية مساندة مصر ودعم مساعيها للتنمية من خلال تمويل 50 مشروعا بقيمة 3.4 مليار دولار أمريكي، وهو ما يجعل من مصر الدولة الأكثر استفادة من جهود الصندوق الكويتى وأكثرها حصولا على تمويل لمشروعات تنموية .

مساندة سياسية

وفى يوليو 2013 أعلنت الكويت عن تقديم حزمة مساعدات اقتصادية عاجلة لمصر بقيمة 4 مليارات دولار، وأعقب ذلك عدد من الزيارات المتبادلة التى تؤكد مساندة الكويت التامة لمصر حيث قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارة للكويت فى يناير من العام 2015 لبحث افاق التعاون الثنائى تلتها زيارة فى مايو من عام 2017 شهدت تأكيد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، على المكانة الخاصة التى تحظى بها مصر وشعبها، لدى الشعب والحكومة الكويتية، كما شهدت تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، بدوره أن مصر لن تسمح بالمساس بأمن واستقرار أشقائها فى الخليج عموما والكويت بصفة خاصة .

زيارات متبادلة

وفى المقابل كان امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح على رأس المهنئين للرئيس عبد الفتاح السيسى فى حفل التنصيب الذى اقيم بالقاهرة بمناسبة انتخابه رئيسا لمصر، اعقبها زيارة للمشاركة فى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ فى مارس من العام 2015، وزيارة ثانية لحضور حفل افتتاح مشروع ازدواج قناة السويس ، وتواكب مع ذلك العديد من اللقاءات والزيارات الرسمية، من بينها اللقاء الذى جمع الرئيس عبد الفتاح السيسى مع رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر مبارك الاحمد الصباح فى الامم المتحدة بنيويورك ، كما تمت عدة لقاءات بين وزيرى الخارجية الشيخ صباح الخالد والوزير سامح شكرى .

ومنذ أسابيع قليلة قام رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم بزيارة مهمة إلى القاهرة، ضمن زياراته العديدة التى تجسد الخصوصية والتواصل المستمر بين قيادات البلدين من كافة المستويات، وعلى هامش الزيارة أكد على الدعم الكامل من الكويت لمصر وعلى متانة العلاقات بين البلدين على مختلف المستويات، كما استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأكد خلال اللقاء على متانة وقوة العلاقات المصرية الكويتية وما تتميز به من خصوصية كما أكد حرص مصر على تطوير التعاون الوثيق والمتميز بين البلدين على شتى الأصعدة.

تطورات متلاحقة

وفى غضون الاستعداد لزيارة الشيخ جابر المبارك الاحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء أكد سفير الكويت بالقاهرة محمد صالح الذويخ أن العلاقات بين الكويت ومصر استراتيجية وتميزت على مدى تاريخها الطويل بتطابق وجهات النظر حيال القضايا الحيوية التى تهم الأمتين العربية والإسلامية، مشيرا إلى أنها تشهد تطورات كبيرة على مختلف الاصعدة، علاوة على التوافق التام فى الرؤى تجلى فى المشاورات واللقاءات المستمرة بين قيادتى البلدين، وكان آخرها الزيارة الاخوية المهمة التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى للكويت أوائل الشهر الماضى واستقبله خلالها امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح.

كما أكد الذويخ أن العلاقات بين البلدين أصبحت نموذجا يحتذى به فى العلاقات العربية، مشيرا الى أنها «قوية وعريقة « وتتسم بالحيوية والتفاعل المتواصل عبر عديد من الفعاليات، مشددا على أن العلاقات بين البلدين انطلقت خلال السنوات القليلة الماضية إلى آفاق أرحب وأوسع ، مشيرا الى ان الاستثمارات الكويتية شهدت طفرة ملموسة، واكبها زيادة مماثلة فى معدلات السائحين الذين يجدون فى مصر المحبة والأمان، علاوة على الزخم الكبير الذى اتسم به التعاون الثقافى والإعلامى.